اشار الكاتب السياسي ناجي علي أمْهِز
الجميع، حتى أطفال غزة وهم الذين كانت تقصفهم إسرائيل أثناء اجتماع القمة العربية الإسلامية، يعلمون أن هذه القمة ليست إلا استنساخاً لقمم قد سبقت، وجميعها لم يغير حرفاً واحداً من مؤتمر هرتزل الصهيوني الاسرائيلي عام 1897.
وأغرب ما في هذه القمة صراحة أردوغان الذي أعلن أمام الرؤساء العرب أنهم غير موجودين عندما قال: "كما نرى مؤخراً بعض السياسيين الإسرائيليين الذين يكررون أوهام ما يسمى بإسرائيل الكبرى، وهو ما يظهر عملياً في مساعيهم لتوسيع الاحتلال في دول الجوار. لكن الأمة الإسلامية بعون الله تعالى تملك من القدرة والإمكانات ما يكفي لإحباط هذه الأطماع التوسعية."
وكما تلاحظون هنا، فإن أردوغان كان واضحاً للغاية بأن القادر على الوقوف بوجه أحلام إسرائيل التوسعية هي الأمة الإسلامية. وهذه السقطة لأردوغان لا أعرف إن كانت مقصودة أو أنها زلة لسان، أي أن أردوغان يعترف بعجز الأنظمة العربية عن فعل أي شيء، والقادر على الفعل هي الأمة الإسلامية. أم أن أردوغان ما زال ينظر إلى الدول العربية كمقاطعات في خلافته الإسلامية؟
أما الرئيس أحمد الشرع الذي يبدو أنه متأثر بغيفارا الملحد والمشهور عنه أنه صاحب أقصر خطبة في الأمم المتحدة، مع أنه لم يثبت أن غيفارا ألقى أقصر كلمة في الأمم المتحدة. لكن أن يلقي الرئيس السوري كلمة لم تتجاوز الدقيقة فيها بيتين من الشعر وبيتين من "الدموع".
عندما قال: "بعد بسم الله الرحمن الرحيم، سأسعى لاختصار الوقت. إنه لمن نوادر التاريخ أن يُقتل المفاوض ومن سابقة الأفعال أن يُستهدف الوسيط. وفي السياق ذاته، لا يزال العدوان الإسرائيلي على غزة مستمر ويمارس اعتداءاته على سوريا منذ تسعة أشهر. السادة الكرام، إنه ما اجتمعت أمة ولمت شملها إلا وقد تعاظمت قوتها، وما تفرقت أمة إلا وقد ضعفت. يقول الشاعر: متى تجمع القلب الذكي وصارماً... وأنفاً حمياً تجتنبك المظالم. أقف وشعب الجمهورية العربية السورية بأكمله بجوار دولة قطر وفاء لها ولعالي موقفها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته."
لا أعرف إن كان هذا هو أسلوب الرئيس أحمد الشرع، خاصة عندما كان يظهر على الكاميرا وهو "ينفجر عينيه" وكانه يريد ارعاب المتواجدين، لكن بروتوكولياً هناك أمور يجب أن يتعلمها الرجل في المحافل الدولية، أقله أن تكون الكلمة لها مقدمة وفيها موضوع ولها خاتمة. لكن أن يتحدث أمام الموجودين بأقل من دقيقة، وكأنه جاء على عجل، وكما بشار الأسد نسي صوره، فأحمد الشرع نسي كلمته ليختصرها بـ 54 ثانية. فالمتواجدون ليسوا فصائل حاضرون لأخذ توجهاته، أو أنهم بانتظار أوامره.
للأسف، أول إطلالة له كانت كارثية بكافة المعايير. أما ذكره لغزة وسوريا وما يجري في قطر دون ذكره للبنان وما يعانيه من عدوان يومي من إسرائيل، فهو يحاكي أحلام أردوغان التوسعية. فلا أعلم إن كان تقصد عدم ذكر لبنان كونه يعتقده جزءاً من سوريا التي تتعرض للقصف منذ 9 أشهر كما قال، أو أنه أصلاً يعتبر أن لبنان يستحق ما يحصل معه.
في كلتا الحالتين، فإن القمة التي لم تجتمع لتحمل كل هموم العرب، أو أقله إشعار المجتمع الدولي أنها موجودة وموحدة، هي أصلاً ولدت ميتة.
وربما هذه القمة ستمنح نتنياهو والإدارة الأمريكية المزيد من الإصرار على ضرب كافة دول المنطقة.
خاصة أنه بينما العرب يعقدون قمتهم، كان نتنياهو يعقد قمته مع وزير الخارجية الأمريكي،
وهو يقصف غزة والقمتان قائمتان.
نراكم في قمم قادمة وكل قمة وأنتم بخير.